داميان ر. تجربة الاقتراب من الموت
الصفحة الرئيسية تجارب حديثـــــة مشاركة تجربــــة




وصف التجربة:

لقد أصبت باكتئاب شديد في حياتي. كانت والدتي مريضة عقليًا، وحاولت الانتحار عدة مرات طوال حياتها. كنت دائمًا محاطًا بفكرة الانتحار التي قدمتها لي والدتي وآخرون لاحقًا على مدار حياتي. وعندما استنفدت كل الاحتمالات الأخرى لتحسين حالتي، قررت أن أجرب الانتحار أنا أيضًا. اشتريت علبتين من ستة وثلاثين قرصًا من الحبوب المنومة الجيلاتينية. اتصلت بعملي وأبلغتهم بعدم حضوري، واستلقيت للمرة الأخيرة في سريري (أو هذا ما اعتقدته). استيقظت دون أي سبب واضح. كنت مستلقيًا بلا حراك، كنت أشعر بتأثير الأدوية الكثيرة التي تناولتها، وكان جسدي ثقيلًا للغاية. كان هناك صوت رنين عالٍ وثابت في رأسي. حينها خطرت لي فكرة أنني سأموت وأنا مستيقظ. حاولت تحريك رأسي لأرى ما إذا كان الهاتف اللاسلكي في مكانه على الجانب الآخر من السرير. وعندما لم أتمكن من تحريك رأسي، حاولت تحريك جسدي. عندها أصبت بالذعر وبدأت أتلوى محاولًا الزحف للخروج من السرير حتى سقطت على الأرض. ومن هناك زحفت وتدحرجت وتحركت ببطء حول السرير للوصول إلى الهاتف الذي بدا لي أنه على بعد أميال، وأنني لن أتمكن من الوصول إليه. عندما وصلت أخيرًا إلى الجانب الآخر من السرير، كان ذراعي ويدي ثقيلين جدًا لدرجة لم أستطع رفعهما، لكنني تمكنت من إسقاط الهاتف من مكانه ووقع على الأرض. اتصلت بالطوارئ 911، وسمعت موظفة المُشغل على الطرف الآخر تتحدث، لكن كان لدي صعوبة كبيرة في نطق الكلمات للرد. أخيرًا، وباستخدام كلتا يدي، تمكنت من رفع الهاتف قرب رأسي، ووجدت نفسي أصدر أصواتًا شبيهة بصرخات الحيوانات، كنت غير قادر على الكلام. بدا لساني وكأنه ضعف حجمه الطبيعي، وبعد فترة استطعت قول "النجدة". بدأت أفقد وعيي بينما بدأت المرأة على الهاتف بطرح الأسئلة. استجمعت قواي بما يكفي وحاولت الإجابة لكنني كنت أتحدث بطريقة غير مفهومة. وبينما كنت أفقد وعيي وأستعيده، بدأ أفراد الشرطة المحلية يطرقون الباب في الغرفة المجاورة.

فقدت الوعي واستيقظت لأجد شرطيين يوجهان لي أسئلة بينما كنت جالسًا على كرسي في غرفة المعيشة. فقدت الوعي مجددًا ثم استيقظت وأنا على نقالة متحركة كان يتم دفعها ومررت أمام شقق جيراني وصولًا إلى ساحة الانتظار، وهناك كانت سيارة الإسعاف بانتظاري. ثم فقدت الوعي مجددًا. بعدها سمعت صوتًا يقول: "نحن نفقده، أسرعوا، أسرعوا!". ثم فقدت الوعي مرة أخرى. استعدت وعيي وشاهدت أربعة أو خمسة، ربما ستة أشخاص حول النقالة، وأحدهم يحاول غرز إبرة طويلة في صدري وهو يصرخ: "عليك أن تبقى ثابتًا!". في تلك اللحظة، بدأت أشعر بالخفة وكأنني خفيف كالهواء، وطفوت بعيدًا عن كل هذا الضجيج. رأيت الناس حولي يرتدون ملابس بيضاء ويحيطون بجسدي الساكن بينما كنت أصعد للأعلى. أعتقد أن هذا كان الوقت الذي فقدت فيه حواسي، وأصبحت رؤيتي مشوشة، وبدأت أرى بعين البصيرة. اختفت رائحة الكحول والبيئة المعقمة. واختفت أيضًا اليدان اللتان كانتا تمسكان بي، وشعرت بزوال الضغط عن ظهري الذي كان ناتجًا عن محاولات إنقاذي.

تلاشت كل الأصوات وتحولت إلى صمت مريح. ثم انتقلت إلى ما يشبه نفق طويل، لم أستطع رؤيته بل شعرت به. كنت أتحرك بسرعة لا تصدق، أسرع مما تخيلت يومًا. كان الشعور بالخفة موجودًا. بدأت أشعر بالخوف والذعر، ثم عبرت النفق ووصلت إلى ما أعتقد أنه الجانب الآخر. سيطر عليّ هدوء مفاجئ، وكذلك شعور جديد بالسعادة. أدركت الآن أننا ما دمنا موجودين في أجسادنا، فإننا غير قادرين على الشعور بهذا القدر من السلام والحب والسكينة والراحة. انتهى النفق إلى نور هائل لا يمكن رؤيته ولكن يمكن الشعور به. كل شيء كان ساطعًا بشكل مذهل، لكنه لا يشبه النظر إلى الشمس أو شعاع اللحام، بل كان أشبه بظاهرة الرؤية الثانية أو البصيرة. بدأت بالتواصل مع شيء عظيم، قوي، كلي العلم، وحقيقي بالمعنى الأنقى للكلمة. لم يكن الأمر كأننا كنا نتحدث كشخصين، بل كان أقرب إلى التواصل عن طريق التخاطر، لعدم وجود تعبير أفضل. أدركت تمامًا الآن كيف تعجز الكلمات عن توضيح تجربة تحدث على المستوى الروحي فضلًا عن استيعابها. لا يمكن للكلمات أن تقترب حتى من وصفها. أعتقد أننا جميعًا سنختبر تجارب مشابهة يومًا ما.

وفجأة شعرت بأن هذه القوة العظيمة أصبحت غاضبة مني، وشعرت بخوف يفوق الوصف حينما تمت إعادتي إلى جسدي كالصاعقة. استعدت وعيي مع شهيق كبير، وعندما فتحت عيني وجدت نفسي مستلقيًا في سرير المستشفى. بالطبع هناك الكثير من تفاصيل هذه التجربة، لكن هذه نسخة مختصرة من تجربتي.

معلومات أساسية:

الجنس: ذكر.

تاريخ وقوع تجربة الاقتراب من الموت: 1995.

عناصر تجربة الاقتراب من الموت:

في وقت تجربتك، هل كان هناك حدث يهدد حياتك؟ نعم. محاولة انتحار. كل ما أعرفه على وجه اليقين هو أنني استيقظت دون سبب واضح في منتصف محاولة انتحار. لم أكن قادرًا على التحدث أو الحركة أو التفكير لفترة زمنية غير معروفة. وعندما راودتني فكرة أنني سأموت وأنا في كامل وعيي، تمكنت من استعادة قدر كافٍ من الحركة لأزحف إلى الهاتف وأتصل برقم الطوارئ 911. عندها أدركت أنني غير قادر على الكلام.

كيف تنظر في محتوى تجربتك؟ نظرة إيجابية.

هل تعاطيت أي أدوية أو مخدرات والتي من المحتمل أن تكون قد أثرت على التجربة؟ غير مؤكّد. لقد تناولت اثنين وسبعين حبة دواء في محاولة انتحار فاشلة، وتم حقني في القلب بالأدرينالين.

هل كانت التجربة تشبه الحلم بأي شكل من الأشكال؟ بالتأكيد لم تكن التجربة تشبه الحلم. لقد كانت حقيقية مثل جلوسي هنا لتعبئة هذا الاستبيان.

هل شعرت بالانفصال عن جسدك؟ نعم. لم أرى مظهري قط، كانت لدي حواس لم أكن على علم بوجودها أبدًا.

في أي وقت خلال التجربة كنت عند أعلى مستوى لك من الوعي والانتباه؟ لقد كنت فاقدًا للوعي، ومع ذلك كنت في حالة وعي شديدة.

هل بدا أن الوقت كان يمر بشكل أسرع أم أبطأ؟ بدا أن كل شيء كان يحدث في لحظة واحدة أو أن الوقت قد توقف أو فقد كل المعنى. لقد دخلت في غيبوبة استمرت لثلاثة أيام. لكنني شعرت أنني فقدت الوعي لدقائق فقط.

يرجى مقارنة سمعك أثناء التجربة بسمعك اليومي الذي كان لديك قبل وقت التجربة مباشرة. لا. كان الصمت تامًا.

هل مررت داخل نفق أو عبرت من خلاله؟ غير مؤكّد. شعرت كأنني كنت في طريقي إلى نفق أو آخر.

هل قابلت أو أصبحت مدركًا لوجود أي كائنات متوفاة (أو على قيد الحياة)؟ لا.

هل رأيت نورًا غريبًا؟ غير مؤكّد. شعرت بالنور لكنني لم أرَ النور فعليًا. لقد كنت مغمورًا في النور.

هل بدا لك أنك دخلت إلى عالم آخر غير أرضي؟ عالم روحاني أو غير أرضي بشكل واضح.

ما هي العواطف التي شعرت بها خلال التجربة؟ السلام والسكينة والحب والتفاهم والراحة والحرية والشعور العميق بالدفء. شعرت وكأنني في بيتي أخيرًا، كان مُرحبًا بي. ثم جاء الرفض والخوف.

هل بدا لك فجأة أنك تفهم كل شيء؟ كل شيء عن الكون. شعرت وكأنني على وشك الوصول إلى حالة من المعرفة الكاملة. لقد ترسخت في كياني معرفة غير قابلة للوصف، معرفة بالحكمة الواسعة وصلاح الحال. كما أنني أصبحت أعتمد بشكل أكبر على المشاعر الحدسية. وفهمت كذلك حقيقة أن الانتحار غير مقبول في الحياة الآخرة.

هل جاءتك مشاهد من المستقبل؟ لا.

هل وصلت إلى حد فاصل أو نقطة لا عودة؟ لقد شعرت بأنني ممنوع عن المضي قدمًا.

الله والروحانية والدين:

ما هو دينك الآن؟ روحاني.

هل تغيرت في قيمك ومعتقداتك بسبب تجربتك؟ نعم، أنا الآن شخص روحاني بكل تأكيد. قبل ذلك، كنت أحمل الضغينة تجاه الله والشيطان وأي مفهوم روحاني آخر. الآن أعلم دون أدنى شك أن هناك قوى خير وقوى شر على مستوى كوني، وهذه القوى أكثر أتساعًا ولانهائية مما كنت أتخيل. بالطبع قضت هذه التجربة على كل تلك الضغائن، وغيرت فلسفتي بالكامل تجاه الدين. ومع ذلك، وبعد عدة محاولات، لا زلت غير قادر على أن أصبح شخصًا متدينًا.

فيما يتعلق بحياتنا الارضية بخلاف الدين:

كانت التجربة مع مرور الوقت: بقيت على حالها تقريبًا.

ما هي التغييرات التي حدثت في حياتك بعد تجربتك؟ على وجه التحديد، لقد غيرت التجربة كل شيء في حياتي.

هل تغيرت علاقاتك على وجه التحديد بسبب تجربتك؟ في العلاقات، يجدني الناس مختلفًا عن معظمهم. يبدو أنهم يجدون صعوبة في فهمي هذه الأيام. يرى البعض أنني ضعيف أو متواضع، رغم أنني أجد نفسي أقوى من معظم الناس. الكثيرون علقوا على صبري الزائد. في حياتي اليومية، أجد صعوبة في الاندماج مع المتشائمين بينما كنت أشعر بالراحة معهم سابقًا. فأنا دائمًا أسعى للتفاؤل أكثر. كما أنني أسعى كل يوم للقيام بشيء لطيف لشخص ما دون علمه أو دون انتظار لرد فعله. لكن بالنسبة للدين، فهذه قصة مختلفة تمامًا. أما من الناحية المهنية، فلا أسعى لتحقيق مكاسب كبيرة، بل أهدف إلى حياة متواضعة ومريحة.

بعد تجربة الاقتراب من الموت:

هل كان من الصعب التعبير عن التجربة بالكلمات؟ نعم، تعجز الكلمات عن التعبير عن التجربة بإنصاف. باختصار، كانت التجربة أشبه بقوة كلية المعرفة لها اتصال مباشر بأعمق جزء من روحي. شعرت وكأنني أُسأل، لكن الإجابات كانت معروفة مسبقًا للسائل. كان الأمر أشبه بتجربة عاطفية أو روحية أكثر منها تجربة لفظية. الكلمات ضعيفة بالمقارنة. كل ما يمكنني إضافته هنا هو أن القوة التي شعرت بها، قوة الحب والسلام، لا يمكننا تجربتها أثناء وجودنا الأرضي.

هل لديك أي قدرات نفسية غير عادية أو أي مواهب خاصة أخرى ظهرت بعد تجربتك ولم تكن موجودة لديك قبل التجربة؟ نعم، لا تزال قدراتي الحدسية قوية، لذلك أصبحت أعتمد عليها. كما أن الحكمة لا تزال قوية.

هل كان لجزء أو لأجزاء من تجربتك مغزى خاص أو أهمية خاصة بالنسبة لك؟ أفضل جزء في التجربة هو اكتشاف قدر كبير من المعرفة والصبر والسكينة، والدليل الذي لا يدع مجالًا للشك في نفسي من أن هناك قوة خير موجودة وقوية بما يتجاوز الخيال. أردت أن اصدح بها من أعلى مكان في العالم حتى يعرف الجميع. لكنني أقنعت نفسي بأنني سأتعرّض للاضطهاد. أما الجزء الأسوأ فهو امتلاك معرفة على مستوى كوني وعدم القدرة على مشاركتها مع الآخرين الذين لا يستطيعون تصور مدى اتساعها وحقيقتها. وهذا يؤلم بشدة.

هل سبق لك أن شاركت هذه التجربة مع الآخرين؟ نعم، عادةً ما تتمثل ردود أفعالهم في ابتسامة ساخرة أو نظرة مذهولة. البعض استهزأ بها، وغالبًا ما كان ذلك سلبيًا. لم أقابل أحدًا شارك نفس التجربة أو تحدث عنها (والسبب وجيه، كما اكتشفت).

في أي وقت من حياتك، هل استطاع أي شيء أن يعيد إنتاج أي جزء من التجربة لك؟ لقد مررت بصحوة روحية بعد عدة سنوات، لكنها لم تكن بنفس عمق التجربة. رغم وجود مشاعر مشتركة بينهما.

هل هناك أي شيء آخر تود إضافته إلى تجربتك؟ كما ذكرت سابقًا، تعجز الكلمات عن الاقتراب من وصف تجربة مثل هذه. أعتبر أن أي شخص لم يمر بهذه التجربة محظوظ جدًا. ليس فقط لأنه لم يكن عليه الاقتراب من الموت، ولكن لأنه غير مضطر لأن يسير على هذه الأرض وهو يحمل تجربة كهذه، وإذا شاركها، فسيُشكك الناس في سلامته العقلية. الشيء الأكثر مأساوية في الحياة هو أن يُسيء الناس فهم العبقري ويظنون أنه مجنون. بعد هذه التجربة، فهمت لماذا احتاج يسوع وهو على الأرض إلى العديد من المعجزات لجذب انتباه الناس، لكنه في النهاية تعرض للاضطهاد.

هل هناك أي أسئلة أخرى يمكننا طرحها لمساعدتك في توصيل تجربتك؟ من المؤسف أن هذا مجرد موقع على شبكة الإنترنت. فهناك الكثير من الأسئلة والمعرفة والمناقشات حول هذا الموضوع المستمرة مدى الحياة. ولكن هذا الشكل من النقاش محدود. آمل أن تمنح تجربتي شيء من البصيرة لأولئك المهتمين بالأمر. وبالنسبة لأولئك الآخرين الذين ذهبوا إلى الجانب الآخر، مرحباً بعودتكم إلى الحياة!