تجربة جورج في الإقتراب من الموت
|
وصف التجربة
مرت تسعة أشهر منذ حدوث تجربتي فى الإقتراب من الموت، وعلى الرغم من أننى لم أتمعن فيها إلا أنها ليست بعيدة أبدا عن تفكيري . فأنا لا أعتبر نفسي مررت بتجربة عادية بكل الأصوات التى رافقتها. وبعد أن قرأت عددا من التجارب على الإنترنت، أنا سعيد بأنني لم أمرّ بمثلها!، رأيت أن أكتب تجربتي هنا للإستفادة من محتواها..
تجربتي فى الإقتراب من الموت حدثت لى بعد إنسداد فى الشرايين وأزمة قلبية حادة للمرة الثالثة فى عام شهر أبريل 1998، وإستطاعت الإسعافات أن تنقذ حياتي، ولكن بعمل كثير وذلك بزراعة أوعية جديدة لى، وأذكر أن الطبيب قال لزوجتي أن بإستطاعتي أن أعود الى العمل فى الإثنين القادم، وللأسف عملت برأى الطبيب، وبعد أن عدت من العمل وأنا أدخل الغرفة بمنزلي، أحسست أن جبلا ثقيلا يقع علىّ وإذا بنوبة قلبية أخري، وعادوا بى الى المستشفي لإجراء عملية زرع أوعية ثانية. كنت "تحت السكين" لوقت بدا لى كساعات، وكنت أعانى من ألم شديد بالرغم من المسكنات التى تناولتها، وعلى الرغم من ذلك فإن شعور الموت أو الإحتضار لم يأت إلىّ أبدا. لدىّ ثقة كاملة بالأطباء وقدراتهم العلاجية كما أن طبيعة نفسي متفائلة. وأثناء خضوعى لعملية ترقيع الأوعية بالقلب شعرت بشئ كالكهرباء يمرّ خلال جسدي، شئ ينبع من قلبي على ما يبدو. تجمدت عن الحركة، توقف التنفس، وحتى مجال رؤيتي وعمقها ظلا ثابتين.
أذكر الألم الذى أحسست به وأنا لا أستطيع التنفس، أعلم أن علىّ أن أتنفس، وأريد ذلك، ولكننى لا أستطيع... وفجأة لم يكن هناك ألم، لا أستطيع أن أحرك عينيّ، ألقيت بنظرة على الفريق الطبي الذى يعمل لإنقاذى، إستطعت أن أرى الطبيب ينزل بقبضتيه على صدرى ويضغط بشدة مرات ومرات، إستطعت أن أسمع صوت صدرى الفارغ من الهواء. ولكنى لم أحس بشئ. لم أشعر أبدا أننى كنت "خارج" جسدي، ورغم ذلك لم أشعر أننى "داخله" .
وفى مكان ما، أثناء تلك الثواني التى بدت "ولا زالت تبدو لى" كالأبدية علمت أننى ميت، كانت رؤيتي قد بهتت، مع إدراك كامل بما يحيط بى، أحسست بداية بالخوف والقلق على أسرتي، وبألم شديد فى أننى لن أستطيع أن أرى زوجتى وبناتي مرة أخري. هذا كل ما أتذكره قبل أن يتحول المشهد الى السواد. لا أريد أن أموت، لا أريد أن أغادر الدنيا. والشئ التالى الذى شعرت به هو إضطراب على مائدة العمليات، بدأت فى الشهيق والزفير. أنا الآن فى الألم مرة أخري.. ألم حاد للغاية.، فى كل أجزاء جسمي لم أستطع أن أعرف كيف ولماذا، ولكننى وفى خضم صراعي لأعود الى الحياة لم يغب عن وعيّ بأننى عدت الى جسدي من مكان ما . وأتاني شعور وكأنني ولدت من جديد.
وحتى اليوم، يبدو أنني عولجت تماما من مشاكلي القلبية، فالمتاعب القلبية التى حدثت لى فى أبريل ومايو كانتا سببا لطلبي تقاعدا وأنا ما زلت فى سن الثانية والأربعين. قال الأطباء أن علىّ أن أتجنب كل المهيجات الحسية والذهنية التى تؤثر على قلبي إذا ما أردت الحياة. وأنهيت سنوات عملى فى الإدارة الآلية.. أنا الآن أب متفرغ لبناته، وأتمنى أن أكون زوجا جيدا. وطالما أنني مواظب على تناول الأقراص بإنتظام فأنا بخير.
لا أخاف من الموت.. أعلم أنه ليس هناك ألم، وإذا ما حان الوقت للذهاب فربما يأتيني شعور بالراحة. ليست لدىّ رؤي غير عادية لأسجلها هنا، ولكن من الصعب تعريف الإحساس بمعرفة من نحن، ولماذا نحن هنا، ومن أين أتينا، وأين سنذهب.
جون لينون كان محقا عندما قال... المحبة هى كل ما تريده فى هذه الحياة.