تجربة جوناثون، في الاقتراب من الموت
|
وصف التجربة:
كنت جنديًّا في الخدمة وأحد أفراد الكتيبة الثالثة من كتائب المظلات. وقد كانت كتيبتي منهمكة في تدريبات عسكرية لمدة أسبوعين في منطقة تعرف باسم سالزبوري بلين، كان عملي يقتضي قيادة مركبة لاند روفر. أتذكر تلك الأحداث التي مررت بها على نحو دقيق، وأصدقائي المقربون فقط هم الذين يعرفون ذلك. في حوالي الساعة ٢:٣٠ صباحًا، كنت أتحرك من وارمينستر بسيارة لاند روفر مليئة بالحصص الغذائية والعجلات الاحتياطية، وغيرها من الأغراض التي تحملها سيارة لاند روفر عادة. كنت متعبًا جدًّا ولم أنم سوى ساعتين، أتذكر أن عجلة القيادة بدأت بالاهتزاز. ونسبة لإرهاقي وحاجتي إلى النوم، خمنت أنه تبقى لي حوالي ساعة واحدة من الوصول إلى موقعي، لذلك واصلت القيادة. وبعد لحظات قليلة اتخذت اللاندوفر على الفور انعطافًا حادًّا إلى اليسار وألقتني إلى اليمين ليرتطم رأسي بالباب. فقدت يداي السيطرة على عجلة القيادة وعندما حاولت استخدام المكابح شعرت أن السيارة تتدحرج إلى اليسار بحدة، ويا لها من قصص تلك التي عشتها في أثناء الانقلاب، لقد كنت مرعوبًا تمامًا وأصرخ مناديًا أمي (نعم، أمي بشكل غريب).
أتذكر أنني كنت مرميًّا في مقصورة السائق والعشب يدخل من النافذة والظلام والألم في جميع أنحاء صدري، كنت أعاني من قطع الجحيم قبل أن يغمى عليَّ. وعندما استيقظت شعرت بريح في وجهي، وكان ذلك لطيفًا. وبمجرد أن بدأت في التركيز رأيت أنوارًا ساطعة، وسمعت الناس يصرخون، كانت الريح التي تضرب وجهي تنطلق من مروحية الإنقاذ حسب ما افترضت. اختفى الجزء العلوي من العربة فقد قطعها رجال الإطفاء وكانت الأنوار عبارة عن مشاعل. أتذكر امرأة تحدثت إليَّ ممسكة بيدي اليسرى قائلة إننا سنخرجك. كما أتذكر البكاء ولكن لم أشعر بأي ألم ثم شعرت بنفسي أبدأ في الانجراف والذي كنت أعتقد أنه بفعل النعاس.
ثم شعرت بنفسي أنزلق من جسدي متجهًا إلى الجانب الأيمن. وعندما توقفت عن الطفو كنت واقفًا على بعد حوالي عشرين قدمًا أراقب كل شيء يحدث أمامي. لم أشعر بأي ألم لكنني كنت مرتبكًا تمامًا، ثم حل بي الرعب الشديد، حيث علمت حينها أنني مت. لم أكن أريد أن أموت كنت لا أزال صغيرًا جدًّا. كل هذه الأفكار خطرت لي. كما لم أر أنفاقًا من الضوء، ولا أضواء ساطعة، ولا ملائكة ترنم وهو ما يدرك عادة. لكن ما حدث بعد ذلك هو أنني شعرت بدفء يغمرني، نوعًا ما مثل الهواء الساخن في جميع أنحاء جسدي، ثم شعرت بنفسي بدأت تتلاشى، مثل الضباب أو البخار المتصاعد من الغلاية. ثم استيقظت في ذات المكان الذي وقع فيه الحادث ولكن هذا المكان كان هادئًا تمامًا، وكان كل شيء فيه أكثر وضوحًا وإشراقًا وشعرت بسلام تام داخل نفسي.
كنت أعرف أنني كنت في المكان ذاته ولكن لم يكن ذات المكان - أتمنى لو كنتم تدركون ما أعنيه. ثم بدأت أتجول لما بدا حوالي خمس دقائق ولم تكن هناك مبان، ولا وجود لأي شيء يتعلق بأي نوع من الحضارة. جلست أحاول تجميع أفكاري وعندها رأيت كلبي بروس يمشي نحوي. نعم، كلبي العجوز الذي مات عندما كنت صغيرًا. لا أعرف كيف عرفت أنه هو، لكنني شعرت في قلبي أنه هو، من الطريقة التي كان معتادًا على النظر بها. اقترب مني وتعانقنا لمدة دقيقة تقريبًا وعندها ظهر شخص أمامي على بعد بضعة أقدام. لم أتعرف عليه، لقد جاء وجلس بجواري يداعب بروس. كان يرتدي بدلة لكن ربما من بدايات حقبة القرن العشرين، من مظهره كان يبلغ من العمر حوالي أربعين عامًا، شعره أسود، لم أشعر أبدًا بأي خوف أو شك فيه. ومع ذلك أخبرني حدسي إنه مرتبط بي بطريقة ما. كان صوته مهدئًا. قال لي: جون هل أنت سعيد؟ فقط هل أنا سعيد؟ كان الرد: "نعم". ثم نهض وذهب لا أعرف لماذا. شعرت أنني بحاجة لمتابعته. كنت أشعر بالعشب، وأشتم رائحة الهواء وأشعر بالريح الباردة مرة أخرى في وجهي. وحتى في هذا المكان تغرد الطيور وتسطع الشمس كما تفعل في أي يوم يمكن أن أتذكره، كان العشب أكثر خضرة وكان كل شيء مرئيًّا بشكل موسع وشعرت أن كل شيء حي، كما لو كنت أشعر أن طاقة كل شيء تنبض باتجاه طاقتي وقد بدا ذلك رائعًا تمامًا.
أتذكر المشي معه وهو يداعب بروس بينما كنا نتجول. قال إنه سيأخذني إلى مكان خاص حيث ينتظرني شخص ما. تحدث مطولاً عن الحياة، مشددًا على أهمية النوايا الحسنة لجميع المخلوقات. وأوضح أيضًا أنه توجد أكثر من حياة في الكون مما يمكن للمرء أن يأمل في فهمه، وما نحن بصدد الذهاب إليه هو مكان اجتماع. وربما بعد لحظات قليلة كان بإمكاني رؤية أشخاص آخرين يتجولون، بعضهم كانوا يقبِّلون وبعضهم يتعانقون، كان الناس يضحكون لفرط سعادتهم وتمكنت بالفعل من الشعور بسعادتهم داخل بطني، نعم بطني. بدا الوضع على ما يرام تمامًا ومؤثرًا للغاية وعرفت أن كل شخص يمكن أن يشعر بحبي، بدا الأمر نوعًا ما كما لو كان كل شخص يشارك تجاربه مع الجميع من حوله.
توقفنا بجانب شجرة بلوط كبيرة. وتحت هذه الشجرة تجلس امرأة تنظر إليَّ. كانت ترتدي ما يشبه ملابس الإمبراطورية الرومانية، رداءً أبيض طويلًا فضفاضًا ولكنه فائق الجمال. كان شعرها طويلًا مجعدًا أحمر واصلًا ركبتيها. ركض بروس إليها واتبعته. لم نتعرف على بعضنا، لكنني شعرت أنني أعرفها بالفعل. أخبرتني أنني بحاجة إلى العودة لأن وقتي لم ينته بعد. أتذكر التأوه والنظر إلى الأرض في حزن. ثم أتذكرها وهي تلوح لي وأتذكر أيضًا أنني كنت أصرخ من أجل أن يأتي بروس معي، أتذكر البكاء قائلًا بأنني أريد البقاء - وعندها استيقظت فجأة، كما لو كنت أحلم، داخل طائرة هليكوبتر لأجد تلك الإبرة الضخمة مغروزة في صدري.
أعلم أن ما قرأتموه قد يبدو غير معقول لكنني أؤمن حقًّا بما عشته. أعلم الآن في قلبي وروحي أنه توجد حياة بعد الموت وأعتقد أن الجميع يختبرها بشكل مختلف عن أي شخص آخر. لقد تعافيت من إصاباتي وأبلغني الأطباء لاحقًا أنني كنت ميتًا سريريًّا لأكثر من دقيقة. أنا الآن أنظر إلى الحياة من منظور مختلف عما اعتدت عليه. الحياة ثمينة للغاية لذا حاول أن تكون أفضل شيء يمكنك أن تكونه على الإطلاق. أعلم الآن أنني لم أر ملائكة أو قيثارات أو مدن في السماء ولكن يوجد شيء أكبر وأفضل ينتظرنا، أعلم أن تجاربي ما هي إلا خدش في الأسطح بالنسبة لما يحدث لنا جميعًا عندما نموت.
معلومات أساسية:
الجنس:
ذكر.
تاريخ وقوع تجربة الاقتراب من الموت:
١٤ يوليو ١٩٩٤.
أجزاء تجربة الاقتراب من الموت:
في وقت تجربتك، هل كان هناك حدث يهدد الحياة؟
نعم، حادث. لقد مت لمدة دقيقة واحدة.
كيف تنظر في محتوى تجربتك؟
رائعة.
هل شعرت بالانفصال عن جسدك؟
نعم، تركت جسدي بوضوح وكنت خارجه.
كيف كان أعلى مستوى لك من الوعي والانتباه خلال التجربة مقارنة بوعيك وانتباهك اليومي العادي؟
أكثر وعيًا وانتباهًا من المعتاد. شعرت أن حواسي كانت أكثر تناغمًا مع كل ما حولي؛ كنت أشعر بالحب الكامل وبسعادة لا يمكن وصفها بالكلمات.
في أي وقت خلال التجربة كنت في أعلى مستوى لك من الوعي والانتباه؟
من البداية وحتى النهاية.
هل تسارعت أفكارك؟
كلا.
هل بدا أن الوقت يمر بشكل أسرع أو أبطأ؟
كلا. شعرت وكأنني كنت في العالم الآخر لمدة نصف ساعة تقريبًا لكن أصدقائي، الذين شهدوا الحادث، قالوا بمجرد أن فقدت وعيي أخرجوني في غضون ثوانٍ واستغرقت رحلة الهليكوبتر عشر دقائق فقط إلى المستشفى، في حين استيقظت في الهليكوبتر.
هل كانت حواسك أكثر حيوية من المعتاد؟
حيوية بشكل لا يصدق.
يرجى مقارنة رؤيتك أثناء التجربة برؤيتك اليومية التي كانت لديك قبل وقت التجربة مباشرة..
كان كل شيء أكثر وضوحًا، حيث كنت أشعر بكل شيء وأراه بصريًّا.
هل بدا لك أنك كنت على دراية بأشياء تجري في أماكن أخرى كما لو كان ذلك عبر إدراك حسي خاص؟
نعم، وقد تم التحقق من الحقائق.
هل مررت بداخل نفق أو عبرت من خلاله؟
لا.
هل رأيت أي كائنات في تجربتك؟
لقد رأيتهم.
هل واجهت أو أصبحت على علم بأي كائنات متوفاة (أو حية)؟
نعم كلبي وشخصين أتذكر أني كنت أعرفهما ولكن لا أدري من أين.
هل رأيت، أو شعرت أنك محاط بضوء مشرق؟
كلا.
هل رأيت ضوءًا غريبًا؟
لا.
هل بدا لك أنك قد دخلت عالمًا آخر، غامض؟
عالم روحاني أو غريب بشكل واضح. نفس المكان الذي وقع فيه الحادث ولكنه أكثر واقعية بكثير وأجمل بمليون مرة.
ما هي العواطف التي شعرت بها خلال التجربة؟
الهدوء هو الكلمة المناسبة، والقبول.
هل كان لديك شعور بالسلام أو البهجة؟
سلام لا يصدق أو سعادة.
هل كان لديك شعور بالفرح؟
سعادة.
هل شعرت بالانسجام أو الاتحاد مع الكون؟
لم أعد أتعارض مع الطبيعة.
هل فجأة بدا لك أنك تفهم كل شيء؟
كل شيء عن الكون.
هل عادت لك مشاهد من ماضيك؟
كلا.
هل عرضت عليك مشاهد من المستقبل؟
كلا.
هل وصلت حدًّا أو نقطة لا عودة؟
وصلت حاجزًا لم يسمح لي باجتيازه؛ أو أرجعت بعكس رغبتي.
الله والروحانية والدين:
ما هو دينك قبل تجربتك؟
معتدل. كنيسة اسكتلندا لكن لم أكن أبدًا بروتستانتيًّا متدينًا.
هل تغيرت ممارساتك الدينية منذ تجربتك؟
نعم، الإيمان البروتستانتي يتبع الله ويسوع وما إلى ذلك. شعرت أنني كنت إلهي الخاص أو خالقي، وأن كل شيء في الحياة متساوٍ مع الآخر، لذلك لا يوجد كائن أسمى يراقبنا، فقط يوجد شيء أكبر وأفضل أشعر أننا جميعًا جزء منه.
ما هو دينك الآن؟
معتدل. ملحد (تغير الإيمان بسبب التجربة).
هل تغيرت في قيمك ومعتقداتك بسبب تجربتك؟
نعم، الإيمان البروتستانتي يتبع الله ويسوع وما إلى ذلك. شعرت أنني كنت إلهي الخاص أو خالقي، وأن كل شيء في الحياة متساوٍ مع الآخر، لذلك لا يوجد كائن أسمى يراقبنا، فقط يوجد شيء أكبر وأفضل أشعر أننا جميعًا جزء منه.
هل رأيت أرواحًا متوفاة أو دينية؟
لقد رأيتهم.
فيما يتعلق بحياتنا الأرضية بخلاف الدين:
خلال تجربتك، هل اكتسبت معرفة خاصة أو معلومات عن هدفك؟
نعم، كنت كلما طالت فترة بقائي هناك بدأت أفهم الغرض من الحياة ولكن بمجرد أن عدت اختفت كل هذه المعلومات. أشعر أن الكائنات الحية ممنوعة من الوصول إلى هذه المعرفة بسبب نزعتنا العدائية ربما.
هل تغيرت علاقاتك على وجه التحديد بسبب تجربتك؟
لا.
بعد تجربة الاقتراب من الموت:
هل كانت التجربة صعبة التعبير بالكلمات؟
لا أتذكرها الآن بوضوح كما كانت عندما وقع الحادث.
هل لديك أي هبات نفسية، غير عادية أو أي هبات خاصة أخرى بعد تجربتك والتي لم تكن لديك قبل التجربة؟
غير مؤكد، فقط صرت أكثر وعيًا بوجود الكثير في الحياة وأكثر منه في الموت.
هل يوجد جزء أو عدة أجزاء من تجربتك ذات مغزى خاص أو أهمية خاصة بالنسبة لك؟
الحب التام والسعادة والشعور بأنك مرغوب فيك تمامًا ومعجب بك، وأن تحصل على هذا الشعور من كل شيء من حولك.
هل سبق لك أن شاركت هذه التجربة مع الآخرين؟
نعم استشرت أحدهم بعد الحادث وأخبرني أن تجربتي جميلة ويجب مشاركتها مع الجميع. لكن الأطباء قالوا إن دماغي توقف عن العمل لإبعادي عن الألم. وأخبرت اثنين من الأصدقاء ولا أحد آخر.
هل كانت لديك أي معرفة بتجربة الاقتراب من الموت قبل تجربتك؟
لا.
ما رأيك في واقعية تجربتك بعد فترة قصيرة (أيام إلى أسابيع) من حدوثها؟
كانت التجربة حقيقية بالتأكيد. أفكر بها كل ليلة حتى يومنا هذا.
ما رأيك في واقعية تجربتك الآن؟
كانت التجربة حقيقية بالتأكيد. كان لا يزال بإمكاني رؤية العشب والغيوم والشمس وكنت أشعر أيضًا أن أطراف أصابعي ترتعش في كل مرة أداعب فيها كلبي بروس.
في أي وقت من حياتك، هل أعاد لك أي شيء إنتاج أي جزء من التجربة؟
لا.
هل يوجد أي شيء آخر تود إضافته لتجربتك؟
أؤمن الآن أن الناس يذهبون إلى عالم الأرض لتعزيز وعيهم الروحاني، عائدين بوعيهم المكتسب هذا إلى العوالم الأخرى ومشاركين هذه التجارب مع الآخرين. ما عايشته قد غيَّر نظرتي بالكامل للحياة، أشعر بآلام الناس أكثر، كما أنني صرت أكثر انسجامًا مع مشاعرهم.