جان ر. تجربة الاقتراب من الموت
|
وصف التجربة:
في عام 1992 أجريت لي عملية جراحية في الرئة. تم تخديري أثناء الجراحة، ولكني لم أفقد الوعي تمامًا على ما يبدو. أتذكر أنني كنت مستلقية هناك، أشاهد الشاشات بينما بدأ الجراح في شق جسدي. أتذكر الأنابيب التي كانت تمر عبر جدار صدري، وأفكر في مدى غرابة الأمر. أتذكر أنني كنت أشاهد الأرقام الموجودة على جهاز قياس ضغط الدم وهي تبدأ في الانخفاض بسرعة، وعندها سمعت ممرضة تقول: "يا إلهي، نحن نفقد ضغط الدم". جعلني هذا أفكر: "أنا في طريقي إلى الموت". ومن الغريب أن كل شيء بدا هادئًا جدًا ويتحرك بالحركة البطيئة. كان بإمكاني سماع إنذار جهاز قياس ضغط الدم، وشاهدت منحنى النبضات على جهاز مراقبة القلب وهو يكاد يكون خطًا مسطحًا. أتذكر إحدى الممرضات وهي تقول إنني مت، فحاولت أن أخبرها أنني لم أمت. وبينما كنت أحاول إقناعهم بأنني لم أمت، بدا وكأنني أدركت فجأة أنني لم أكن أنظر إليهم من أسفل. بل كنت فوقهم، خلف رؤوسهم، وكأنني كنت عند السقف. كنت أرى كل ما كانوا يفعلونه، وكان بإمكاني رؤية جسدي الملقى هناك. ثم بدا الأمر وكأنني كنت أطفو، لم أكن أمشي، كنت فقط أتحرك بعيدًا عبر أنبوب أو ممر ضيق جدًا. لا أتذكر أنني تحركت "نحو" نور ما، بل كنت داخل النور، نور أبيض ساطع للغاية بدا أنه يزداد سطوعًا كلما تحركت أبعد.
أنا أتذكر أجزاء من حياتي لكني لا أحب رؤية الصور القديمة. وفي هذه التجربة كنت أعيش أحداث حياتي مرة أخرى بطريقة قصيرة وسريعة جدًا. بدا الأمر وكأنني أعيش تجارب أشخاص آخرين عرفتهم أو التقيت بهم في حياتي. وكأنني كنت أعرف بالضبط فيما كانوا يفكرون وبما كانوا يشعرون في تلك اللحظات بالذات. بدا الأمر كما لو أنني عرفت للتو كل أنواع الأشياء والمشاعر التي لم أتعلمها أو أختبرها في حياتي. لقد عرفتها وحسب. كان الجو دافئًا وهادئًا ومسالمًا، وشعرت هناك بالسعادة. تعجز الكلمات عن وصف ما شعرت به. أردت فقط أن أستمر في الطفو بعيدًا حيث بدا وكأنني أشعر بالتحسن كلما ذهبت أبعد. ثم فجأة بدا وكأنني عرفت أنني لا أستطيع البقاء هناك. كان عليّ أن أعود، لأن لدي أشياء يجب أن أقوم بها. لم أعرف بالضبط ما هي تلك الأشياء، ولكني كنت أعرف أن ابنتي كانت تنتظرني، وأن هناك أشياء يتوجب عليّ القيام بها. ثم شعرت بالذنب والارتباك لأنني أردت البقاء في ذلك المكان الدافئ الهادئ، وشعرت بعدها بالرغبة في العودة للانتهاء مما كنت بحاجة للقيام به. شعرت أنني يتم سحبي، ثم فجأة شعرت بالصدمة واستطعت رؤية وجوه الجميع وهم ينظرون إليّ وأنا على السرير وينادون اسمي، وشعرت بالغضب منهم جميعًا.
لقد تغيرت حياتي كلها بعد ذلك اليوم. أحيانًا بطرق صغيرة ودقيقة، وأحيانًا بطرق كبيرة، لكن بالتأكيد لم تعد حياتي كما كانت منذ مروري بتلك التجربة. لقد تغير كل ما أفكر فيه وأشعر به تجاه الأشياء، حتى الكيفية التي أرى بها وأسمع بها الأشياء تغيرت بطريقة أو بأخرى.
في السنة الأولى بعد العملية وبعد التجربة، شعرت بالارتباك والإحباط والخوف أحيانًا. شعرت بالخجل والإحراج من إخبار أي شخص بما حدث في تلك الغرفة. كنت أخشى ألا يصدقوني أو أن يسخروا مني أو يتهكموا عليّ أو يعتقدوا أنني فقدت عقلي.
كما شعرت بالذنب. لو كنت مت، وكنت قريبة من "الله" أو "السماء"، لما كنت رغبت في العودة. شعرت كما لو أنني أدرت ظهري لما تعلمت أنه من المفترض أن يكون "الله" و"الجنة". لكنني لم أرى "الله" ولم "أمر" بتجربة أن أكون في "الجنة". ما كنت أعرفه هو أن ما اختبرته هناك كان السلام والحب والوئام والوحدة والهدوء المطلقين. لكن في تجربتي ولغتي لم أكن لأسميهما "الله" أو "الجنة". أعلم أنني لم أكن خائفة، وأردت أن أكون هناك، وأردت البقاء، ولم أكن خائفة من العودة. في الواقع إنني أتطلع إلى اليوم الذي أحقق فيه هدفي، وأتمكن من العودة، والاستمرار في المضي قدمًا نحو ما سوف يأتيني بعدها. هناك شيء أفضل بالنسبة لنا في هذه الحياة يبدو أن معظمنا لا يدركه أو لا نسمح لأنفسنا بالوصول إليه، لكنني أعلم الآن أن هناك شيئًا أفضل بعد هذه الحياة.
خلال السنوات التي تلت تجربتي كانت لدي رغبة قوية في أن أعيش الحياة، وواصلت محاولة تحقيق هذا الهدف. لقد تعلمت كيف أحب الناس حقًا، أن أحبهم بشدة لدرجة أن ذلك يؤلمني جسديًا في بعض الأحيان. لقد كنت دائمًا حساسة داخليًا للغاية تجاه الناس ومشاعرهم، ولكن الأمر أصبح أشد الآن، حيث يبدو أنني "أشعر" بالناس حرفيًا. أحب أن ألمس الناس وأعانقهم، ولكن في بعض الأحيان يكون لمس الناس مؤلمًا أو مربكًا أو محبطًا أو مخيفًا، وأحيانًا يكون دافئًا وسعيدًا للغاية. ومع ذلك، فإن خطر الانزعاج الجسدي كان أكبر مما أستطيع تحمله عاطفيًا، وقد وجدت أنه بدلاً من مواجهة هذه المشاعر وتعلم كيفية التعامل معها، حاولت عزل نفسي عن الشعور بها. يبدو أنني "أعرف" أشياء عن الأشخاص الذين ألمسهم، أشياء من الممكن أن تكون سعيدة أو حزينة أو جيدة أو سيئة أو رائعة جدًا، وفي بعض الأحيان تكون مخيفة تمامًا.
لقد أصبح ذلك سرًا محزنًا في نهاية المطاف، وفي نفس الوقت أصبح سرًا سعيدًا يجب أن أحمله معي في هذه الحياة. أريد أن أقول للناس. أريد أن أخبرهم بما حدث لي وكم كانت تجربتي رائعة. في بعض الأحيان كل ما أريده هو أن أخبر الناس بما أعرفه، لكني لا أستطيع أن أخبرهم لماذا أو كيف عرفت ذلك. لذلك فأنا لا أقول شيئًا. اتشكك في نفسي، وفي كيف ولماذا أفكر في هذه الأشياء وأشعر بها وأعرفها. يجب أن يكون هناك تفسير منطقي ومعقول لكيفية معرفتي بهذه الأشياء وسبب شعوري بها. ربما لم أجد أجوبة بعد. لكن كيف يمكن أن أتوقع من أي شخص آخر أن يصدقني؟
من المحبط جدًا عدم القدرة على التحدث مع أي شخص حول هذه الأشياء. إنه أمر محبط للغاية ألا أتمكن من إخبار الناس بأشياء أعرف أنها يمكن أن تساعدهم أو تجعلهم يشعرون بتحسن أو تطمئنهم لأنني لا أستطيع أن أخبرهم كيف عرفت ذلك.
أتمنى أن أقول للناس – أن الأمر لا يتعلق بالإيمان بـ "الله" أو "الجنة" أو "بوذا" أو الأجسام الطائرة المجهولة. بل يتعلق بالإيمان بالسلام والمحبة والرحمة الإنسانية. يتعلق الأمر بتقدير الحياة والعيش فيها، وتلبية إمكاناتك واتباع قلبك وروحك. محاولة قول هذه الأشياء دون تقديم أي حقيقة تدعمها، من شأنه أن يجعلني أبدو كالهيبيين، كطفلة الزهرة (مصطلح خاص بالهيبز يعني شخص يافع يرفض المجتمع التقليدي ويدافع عن الحب والسلام والقيم المثالية البسيطة) تحت تأثير حبوب الهلوسة. كيف يمكن لي أن أخبركم بما أعرف؟
معلومات أساسية:
الجنس:
أنثى.
تاريخ وقوع تجربة الاقتراب من الموت:
نوفمبر 1992.
أجزاء تجربة الاقتراب من الموت:
في وقت تجربتك، هل كان هناك حدثًا يهدد حياتك؟
غير مؤكّد. خضعت لجراحة. المضاعفات الجراحية. يرجى الرجوع إلى سرد التجربة.
كيف تنظر في محتوى تجربتك؟ مشاعر مختلطة.
هل تعاطيت أي أدوية أو مخدرات والتي من المحتمل أن تكون قد أثرت على التجربة؟ نعم. كنت تحت التخدير في ذلك الوقت، أثناء خضوعي لعملية جراحية.
هل كانت التجربة تشبه الحلم بأي شكل من الأشكال؟
نوعًا ما.
هل شعرت بالانفصال عن جسدك؟ نعم. لقد رأيت جسدي، واستطعت أن أرى ما كان يحدث بجسدي، وكأنني كنت أشاهد جسدي من خارج جسدي.
في أي وقت خلال التجربة كنت عند أعلى مستوى لك من الوعي والانتباه؟ لست متأكدة.
هل بدا أن الوقت يمر بشكل أسرع أم أبطأ؟ بدا أن كل شيء يحدث في لحظة واحدة؛ أو أن الوقت قد توقف أو فقد كل المعنى. أعتقد ذلك، لكن لم يكن لدي الجرأة مطلقًا لسؤالهم خوفًا من أن يظنوا أنني غريبة الأطوار أو أن لا يصدقوني.
يرجى مقارنة سمعك أثناء التجربة بسمعك اليومي الذي كان لديك قبل وقت التجربة مباشرة. نوع من الصوت "الصاخب" مثل صوت الهواء المندفع.
هل مررت بداخل نفق أو عبرت من خلاله؟ نعم. كان يشبه الأنبوب أو ممر ضيق.
هل قابلت أو أصبحت على علم بوجود أي كائنات متوفاة (أو حية)؟ لا.
هل رأيت نورًا غريبًا؟ نعم. في الواقع كان الأمر أشبه باستشعار النور، كان نور أبيض ساطع قوي للغاية مع دفء مطلق ولكن من دون حرارة.
ما هي العواطف التي شعرت بها خلال التجربة؟ قدر كبير من العواطف!
هل بدا لك فجأة أنك تفهم كل شيء؟ كل شيء عن الكون. سيكون من الصعب إعطاء تفاصيل لهذا السؤال. لقد عرفت أشياء عن بعض الأشخاص، وعرفت أشياء عن نفسي، وبدا أن لدي معرفة وإجابات لم تكن موجودة عندي من قبل.
هل عادت لك مشاهد من ماضيك؟ لكن الأمر لم يكن بمعنى "رؤية" تلك المشاهد، فلم يكن هناك تلفاز أو شاشة سينمائية أو صور. كان الأمر أشبه بإحياء تلك المشاهد في نسخة مضغوطة مختصرة.
هل جاءتك مشاهد من المستقبل؟ لا.
هل وصلت إلى حاجز أو نقطة لا عودة؟ لا.
الله والروحانية والدين:
ما هو دينك قبل تجربتك؟ معتدلة كانت أسرتي مسيحية، وقد نشأت في المدارس / الكنيسة الكاثوليكية.
ما هو دينك الآن؟ ليبرالية
هل تغيرت في قيمك ومعتقداتك بسبب تجربتك؟ نعم. لقد تغيرت حياتي كلها، نظرتي للأشياء، تصوراتي ونظام معتقداتي.
فيما يتعلق بحياتنا الارضية بخلاف الدين:
كانت التجربة مع مرور الوقت: تزيد.
ما هي التغييرات التي حدثت في حياتك بعد مرورك بتجربتك؟ يرجى الرجوع إلى سرد التجربة بالأعلى.
هل تغيرت علاقاتك على وجه التحديد بسبب تجربتك؟ زوجي في ذلك الوقت لم يصدقني، وظن أنه حلم. وقال في العام التالي إنني تغيرت، ولم أعد نفس الشخصية. لقد انفصلنا بعدها. لم أقترب بشدة من أي شخص آخر، حتى وقت قريب. ورغم أنني كنت أحب الناس وأشعر بهم، إلا أنني كنت أجد صعوبة في الاقتراب منهم عاطفيًا. أما والدتي المتدينة فهي تخاف عليّ، لأنني لا أشاركها معتقداتها في "إلهها" وحدوده وتوقعاته. أنا أؤمن بأرواحنا وحاجتنا لأن نكون رحماء ومحبين تجاه رفاقنا من الأرواح.
بعد تجربة الاقتراب من الموت:
هل كان من الصعب التعبير عن التجربة بالكلمات؟ نعم. المشاعر والأفكار التي عجزت عن إيجاد الكلمات المناسبة لوصفها.
هل لديك أي هبات نفسية غير عادية أو أي هبات خاصة أخرى ظهرت بعد تجربتك ولم تكن موجودة لديك قبل التجربة؟ نعم. حساسية متزايدة تجاه أفكار الناس ومشاعرهم، يصعب شرح ذلك، مثل معرفة أشياء لا أفهم كيف عرفتها، وأتساءل هل هي حقيقية فعلًا، وكيف أمكنني معرفتها.
هل كان لجزء أو لأجزاء من تجربتك مغزى خاص أو أهمية خاصة بالنسبة لك؟ الجزء الأفضل من التجربة هو الغياب المطلق للخوف، والوجود المطلق للحب والدفء والقبول. أما الجزء الأسوأ فكان الافتقار إلى الحقيقة المنطقية، والسبب الذي من شأنه أن يمنحني الحرية والراحة لإخبار الناس عن تجربتي، وربما مساعدتهم أو تحسين حياتهم أو منحهم الأمل.
هل سبق لك أن شاركت هذه التجربة مع الآخرين؟ نعم. في السنة الأولى أخبرت زوجي الذي سخر مني، وأخبرت أحد القساوسة على أمل التخلص من مشاعر الذنب الديني التي كانت تؤرقني. ولم أخبر أحد بعدها حتى وقت قريب. حيث أخبرت صديقة جيدة منفتحة ولا تصدر أحكامًا، وقد سمحت لي بحرية محاولة شرح التجربة.
في أي وقت من حياتك، هل استطاع أي شيء أن يعيد إنتاج أي جزء من التجربة لك؟ نعم. التأمل، والأحلام أثناء النوم، وذكريات الماضي اللحظية نوع ما، أشعر كما لو أنني موجودة هناك مرة أخرى، ويمكنني أن أشعر بكل تلك المشاعر نفسها. أنا لا أشرب الخمر ولا أتعاطى المخدرات خوفًا من تغيير هذه الأحداث أو إعادة خلقها بشكل خاطئ.
هل هناك أي أسئلة أخرى يمكننا طرحها لمساعدتك في توصيل تجربتك؟ هل كانت التجربة حقيقة أم خدعة من العقل ناجمة عن الألم أو التخدير أو الخوف أو أي تفاعل كيميائي آخر يحدث في الجسم؟ هل هناك دليل منطقي وعلمي على أن هذا يحدث لنا؟ هل هناك أي شخص، بخلاف الذين مروا بتجارب مماثلة، يصدقنا حقًا؟