تجربة نورتون چي في الاقتراب من الموت
|
وصف التجربة:
لا أعرف كيف ولا من أي نقطة زمنية أبدأ قصتي: هل ابدأ من المنتصف (أي الآن) أم أبدأ من البداية (أي الماضي فقط)؟ الفكرة أن كل شيء يبدو أنه يتغذى ويتدفق زمنيًا إلى الخلف وإلى الأمام.
في الوقت الحاضر أنا في كلية تعليم الكبار، وأعمل كمتطوع للمساعدة في تشغيل محطة راديو الحرم الجامعي الجديدة إلى حد ما. ونظرًا لطبيعة الكلية، فلا يوجد تدفق مستمر للطلاب المستعدون والقادرون دائمًا على القيام بما أقوم به، وهو تقديم البرامج الإذاعية وإعدادها الإعلان عنها – والإعلان أيضًا عن الفاعليات التي ننظمها، والترويج للمحطة بشكل عام. أما السبب الذي دفعني لقبول هذا المنصب غير المسبوق فهو ببساطة ملء فراغ السنة الكاملة التي خصصتها لمحاولة تحديد ما الذي سأفعله في حياتي.
حياتي.
التي انتهت في 24 سبتمبر 1982. وهذا ما أتذكر أنه حدث:
لقد صدمتني سيارة، ما زلت أتذكر ثقل المعاطف التي ألقاها المارة عليّ. كان الدفء مريحًا. بدأ وعييّ يذهب تدريجيًا، والشيء التالي الذي أذكره هو أنني كنت في سيارة الإسعاف مستلقيًا (على نقالة)، كنت أقول بعض الأشياء للمسعف. كنت بحاجة لأن يمسك أحدهم بيدي، لقد شعرت بالوحدة وأدركت أنني في ظلام – كان الظلام دامسًا، رغم أن عينيّ كانتا مفتوحتان. ذهب وعيي تدريجياً.
في مرحلة ما بدت الأمور مختلفة تمامًا – لا أعرف هل كان ذلك قبل دخولي سيارة الإسعاف أم عندما كنت في سيارة الإسعاف (أظن عندما كنت في سيارة الإسعاف). وبعد أن فكرت في التجربة لسنوات عديدة، أدركت أخيرًا وجود تناقض داخلي شعرت به تجاه تلك الأحداث، التي لا تزال حية في ذاكرتي كأشباح.
كان الوعي طبيعيًا، لكنه كان غير بشري تمامًا. لا شيء من هذه التجربة يتناسب فعليًا مع مخيلتي البشرية، والصور الوحيدة التي أملكها هي الصور التي أمكن لعقلي أن يتعامل معها ويستوعبها. حتى وأنا أكتب هذا السرد، أستطيع أن أشعر بنفسي وهي تحاول الابتعاد عنها، وهذا يتطلب الكثير من الجهد. كان هناك شعورًا بالذات، بالهوية؛ لم تكن الهوية مختلفة عن الصورة الذاتية الإنسانية التي لدينا جميعًا، والتي نتقبلها في كل يوم من حياتنا. كان لدي شعورًا داخليًا بالارتياح لأن كل شيء قد انتهى، وأن هذا هو شكل النهاية. إن الفكر والبصر والسمع واللمس - حواسنا كما نعرفها - لم تكن ببساطة على حالها. كان الأمر مختلفًا. وبسبب تجربتي المغايرة لتلك الحواس، أدركت أنني ميت، رغم أنني لم أمر بالتجربة الكلاسيكية للخروج من الجسد. لكن لم يكن هناك أي خوف، ولا دهشة، كل ما كان هناك هو القبول الكامل والنقي لما حدث.
كان هناك آخرون معي، وتعرفت على عمي الأكبر فرانك، وهو عامل مناجم سابق كان يتمتع بإيمان روحي قوي، لكنه لم يسمح أبدًا لإيمانه بالتطفل على حياته – ومع ذلك بقي إيمانه يثري قراراته ويغذيها باستمرار. لقد كان تعاطفه هو أعظم تعاطف عرفته على الإطلاق، وكانت عاطفته هي الأقوى. أخبرني أنه يجب عليّ العودة، فلديّ عمل لأقوم به؛ وعندما حدث ذلك، شعرت بالحزن، لكنني كنت أعلم تمامًا أن هذه كانت الحقيقة النقية. وقد قبلتها.
في المرة التالية التي استعدت فيها وعيي أتذكر أنني رأيت شيئًا ما، أدركت أنني فتحت عيني بهدوء ورفعت رأسي، ونظرت نحو قدمي ناحية الباب ذو المصراعان، وهي مساحة بدت مستحيلة من الغرفة البيضاء تمامًا التي كنت فيها. على يساري كان هناك سرير مستشفى فارغ، وعلى يميني كان هناك سرير مستشفى فارغ أيضُا. فتحت ممرضة الباب فسألتها ببساطة أين أنا. أخبرتني باسم المستشفى، فأجبتها: "حسنًا"، وبعد أن أغلقت الممرضة الباب فقدت الوعي مرة أخرى. عندما استيقظت بعدها كنت في ممر وكانت الضوضاء تحاوطني. كان هناك مشهد أو منظر مكون من مجموعة من الصور. كانت الصور عبارة عن لقطات لي وأنا في منطقة مغطاة من غرفة الطوارئ، حيث كان يجري فحصي، ومسحي بالأشعة السينية، وفي مرحلة ما كانت هناك صورة تظهر باستمرار: إذا كان لديك جهاز كمبيوتر مزود بشاشة التوقف "الطيران حول النجوم"، اضبطها لعرض قدر متوسط من النجوم وعلى سرعة متوسطة، وانقر على "معاينة". هناك لحظة يتوقف عندها الزمن تقريبًا، عندما تقوم شاشة التوقف لتجمع معلوماتها كي تبدء العرض. هذا ما رأيته، واعتقدت لفترة طويلة أنني كنت أنظر إلى الطريق وأنا أسقط. لكن خلال العام الماضي أو نحو ذلك بدأ يتغير رأيي، ولا أعرف ما الذي يشير إليه ذلك، أو ما إذا كان ذلك حقيقيًا.
خلال السنوات القليلة الماضية زاد وعيي بوجود نمط ما في حياتي، وهو أن: ما أريده بالفعل لا يبدو مهمًا، وما أحتاج إليه عادة ما يتم تلبيته، وأنني مستمر في إحداث فرق في حياة الناس فقط من خلال وجودي في حياتهم.
حاليًا يقدر العديد من أساتذتي السابقين (الذين أصبحوا الآن زملائي) والطلاب في الكلية حقًا كل الجهود التي ابذلها في هذا المشروع الذي أشارك فيه. لدي عدد قليل جدًا من الأصدقاء. وليس لدي شخص يخصني على الإطلاق: لم أتزوج بعد زواجي القصير والفاشل الذي انتهى في عام 1989. وبعبارة مبتذلة أشعر أن هناك فجوة في روحي، فجوة لا يمكن ملؤها. عندما يبدو أنني على وشك تكوين شراكة ذات معنى مع أي امرأة، فإن الأمر يفشل في النهاية – وهذا يجعلني أدرك أنه ليس مقدرًا لي أن أكون معها، وأن الأحداث التي تدور بيننا ما هي إلا جولات تدريبية لأصبح شخصًا أفضل. مرة أخرى لا أستطيع التأكد ما إذا كان هذا حقيقة أم خيال، لكنه يحدث بالتأكيد. ورغم أنني لا أضع أي حواجز دفاعية عاطفية، إلا أن الرومانسية الوشيكة لا تحدث أبدًا، وعادةً ما نستمر في كوننا أصدقاء.
أحاول تحقيق التوازن بين العاطفة والمنطق، وأسعى جاهداً لأصبح شخصًا أكثر لطفًا وأكثر رضا – نعم لدي نموذج مثالي أحاول أن أكونه، وقد لا أنجح في ذلك أبدًا، ولكن على عكس الكثيرين ممن التقيت بهم، فإنني أفعل ما بوسعي لأكون أفضل.
ومع ذلك فإن فترات الظلام الداخلي والشعور بالوحدة أصبح أقسى من قدرتي على تحملها. لقد اعلنوا عدم لياقتي طبيًا للعمل منذ سنة 1997 بسبب الانهيار والاكتئاب، وبينما أنا عرضة لليأس والاضطراب الداخلي، أشعر بالفرق بين الشعور بالإحباط وهذا الشيء الآخر. ورغم أن منصبي هنا في الكلية ليس مضمونًا بأي شكل من الأشكال، إلا أنني أشعر بالأمان لأنني أعرف أنني أحظى بتقدير كبير من جانب الموظفين والطلاب على حدٍ سواء.
ولكنه الشعور بالوحدة!
آخر مرة شعرت فيها بما أشعر به الآن، كل ما كنت أفكر فيه هو الانتحار، لكن في الوقت الحاضر كل ما أريد فعله هو إيقاف الألم بأفضل طريقة ممكنة: أن أشفي الوجع. إذا ناقشت هذا الأمر مع العاملين في مجال الطب النفسي، فسيخبرونني ببساطة أن حالة الاكتئاب التي أعاني منها تتدهور ببطء نحو الأسوأ، لكنني أشعر أن الأمر ليس كذلك – ولا أستطيع حتى أن أشرح كيف.
توثق الحكايات جيدًا أن هناك بعض الأشخاص يُعرفون باسم "الحساسين" – حساسية على مستوى نفساني تقريبًا - ومن المعروف عنهم أنهم "معالجون". لقد علق العديد من الأشخاص الذين التقيت بهم في العامين الماضيين على حساسيتي الخاصة، وحاولوا مساعدتي، لكن ينتهى الأمر بي دائمًا بأن أشعر أن هذه المساعدة كانت في الاتجاه الخاطئ في حينها.
لا أعرف إلى أين أتجه، وإذا كان من الممكن أن أتأكد ببساطة أنني موهوم، وأنني لست في أي "مهمة عظيمة"، وأن كل ما يتطلبه الأمر هو الخضوع لبضع جلسات من العلاج، وتعاطي بعض من حبوب السعادة لاستعيد توازني، وحينها سأكون رجلاً سعيدًا جدًا. في الواقع سأكون مرتاحًا جدًا. إن هذا ما أريد أن يكون عليه حالي – ولكني أشعر أن الأمر ليس كذلك.
لذلك أحاول كل يوم أن أوضح للجميع حقيقة الحياة البسيطة، وهي: "إذا كنت أستطيع القيام بشيء ما، فإن أي شخص غيري يستطيع القيام به إذا سمح لنفسه بذلك". أنا أتحدى نفسي لأصبح رجلاً أكثر حكمة وأكثر لطفًا وأكثر نبلًا وأكثر قوة، لعدم وجود وصف أفضل. يتطلب الأمر جهدًا، لكن في كل مرة أتساءل فيها عن المغزى من قيامي بهذه الجهود - حتى وإن لم أظهر ذلك علانية - يخبرني شخص ما بطريقة أو بأخرى (عبر الهاتف أو حتى عبر البريد) أنه يُقدر وجودي في حياته. ويمنحني هذا الراحة؛ إلا أن الراحة التي أريدها ليست موجودة (وهي وجود شخص ما يحتضنني ويخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام بينما أتحرر من مشاعري).
هذا جزء من قصتي، وقد حاولت أن أكون صادقًا وأمينًا في وصفها قدر الإمكان. أحد الجوانب البارزة في هذه القصة هو أنه طبقًا لسجلاتي الطبية فإن الحادث لم يقع في سنة 1982، بل في سنة 1984.
معلومات أساسية:
الجنس:
ذكر.
تاريخ حدوث تجربة الاقتراب من الموت:
سبتمبر 1982
أجزاء تجربة الاقتراب من الموت:
في وقت تجربتك، هل كان هناك حدث يهدد حياتك؟
نعم. تعرضت لحادث. صدمتني سيارة.
كيف تنظر في محتوى تجربتك؟ تجربة مزعجة.
هل تعاطيت أي أدوية أو مخدرات يُحتمل أن تكون قد أثرت على التجربة؟ لا.
هل كانت التجربة تشبه الحلم بأي شكل من الأشكال؟
غير مؤكد.
هل شعرت بالانفصال عن جسدك؟ غير مؤكّد. هذا السؤال ببساطة لا ينطبق عليّ، فتجربتي كانت عبارة عن مجموعة من الأحداث الآنية. هذا السؤال منطقي، لكنه غير صحيح إلى حد ما، ولا أستطيع شرح السبب - كنت عرف أنني ميت، لكن الحالة التي كنت عليها ليست ذات صلة بالموضوع.
في أي وقت خلال التجربة كنت عند أعلى مستوى لك من الوعي والانتباه؟ في ذلك الوقت، لا: في الماضي، إنها مجموعة من الذكريات التي لا أعرف هل يمكنني الوثوق بها أم لا. هل كنت متوهمًا أم لا؟ لكن على المستوى البشري، كنت أنجرف داخل وخارج الوعي.
هل بدا أن الوقت يمر بشكل أسرع أم أبطأ؟ بدا أن كل شيء يحدث في لحظة واحدة؛ أو أن الوقت قد توقف أو فقد كل المعنى. أسهل طريقة لتخيل كيفية وجودي هناك هي بالطريقة التالية: لقد كنت معلقًا من لا شيء على لا شيء، ومع ذلك كان كل ذلك يدعمني جسديًا، كما لو أن الأرض كانت شفافة – لكن هذا يتعلق فقط بالتجربة البصرية / السمعية. لأنني كنت أعلم أنني تجاوزت ذلك.
يرجى مقارنة سمعك أثناء التجربة بسمعك اليومي الذي كان لديك قبل وقت التجربة مباشرة. لا.
هل مررت داخل نفق أو عبرت من خلاله؟ لا.
هل قابلت أو أصبحت على علم بوجود أي كائنات متوفاة (أو حية)؟ نعم.
هل رأيت نورًا غريبًا؟ غير مؤكّد. يترجم عقلي أجزاء مختلفة من هذه التجربة على أنها رؤية – كونها الشكل الأساسي للتعرف على البشر - ولكن البصر لم يكن مهمًا. كانت المعرفة والوعي طبيعيين تمامًا بدون ما نسميه بحواسنا الخمس.
هل بدا لك أنك دخلت إلى عالم آخر غامض؟ لا
ما هي العواطف التي شعرت بها خلال التجربة؟ الارتِياح.
هل بدا لك فجأة أنك تفهم كل شيء؟ كل شيء عن الكون. انظر وصفي للأحداث (كما أتذكرها).
هل جاءتك مشاهد من المستقبل؟ لا.
هل وصلت إلى حاجز أو نقطة لا عودة؟ لا.
الله والروحانية والدين:
ما هو دينك قبل تجربتك؟ معتدل
ما هو دينك الآن؟ لا شيء
فيما يتعلق بحياتنا الارضية بخلاف الدين:
كانت التجربة مع مرور الوقت: تزيد
هل تغيرت علاقاتك على وجه التحديد بسبب تجربتك؟ انظر وصفي للأحداث (كما أتذكرها).
بعد تجربة الاقتراب من الموت:
هل كان من الصعب التعبير عن التجربة بالكلمات؟ نعم.
هل لديك أي هبات نفسية غير عادية أو أي هبات خاصة أخرى ظهرت بعد تجربتك ولم تكن موجودة لديك قبل التجربة؟ نعم. هناك مناسبات في حياتي كنت فيها قادرًا على القيام بدور "المعالج". أما بالنسبة لتوارد الخواطر، فأنا لست جيدًا جدًا في توارد خواطر. لكن في كثير من الأحيان، أستطيع أن أُحدث الناس عن أنفسهم بعبارات تصفهم بشكل قريب دون استخدام عبارات عامة، ولكن ليس بتفاصيل محددة.
هل كان لجزء أو لأجزاء من تجربتك مغزى خاص أو أهمية خاصة بالنسبة لك؟ الجزء الأفضل: كان التواجد هناك. الجزء الأسوأ: كان العودة إلى هنا.
هل سبق لك أن شاركت هذه التجربة مع الآخرين؟ نعم. لقد بدأت الحديث عن هذه التجربة حاليًا، لأنها أصبحت مزعجة للغاية في حياتي.
في أي وقت من حياتك، هل أعاد أي شيء إنتاج أي جزء من التجربة لك؟ لا.
هل هناك أي شيء آخر تود إضافته إلى تجربتك؟ انظر وصفي للأحداث (كما أتذكرها).